أقبلَ العيدُ ، ولكنْ ليسَ في الناسِ المسرَّهْ | |
لا أَرى إلاَّ وُجُوهاً كالحاتٍ مُكْفَهِرَّهْ | |
كالرَّكايا لم تَدَعْ فيها يدُ الماتحِ قطرَهْ | |
أو كمثلِ الرَّوضِ لم تَتْركْ به النكباءُ زهرَهْ | |
وعيوناً دَنقتْ فيها الأماني المُسْتَحِرَّهْ | |
فَهْيَ حَيرى ذاهلاتٌ في الذي تهوى وتكرَهْ | |
وخدوداً باهتاتٍ قد كساها الهَمُّ صُفْرَهْ | |
وشفاهاً تحذرُ الضحكَ كأنَّ الضحكَ جمرَهْ | |
ليسَ للقومِ حديثٌ غير شكوى مستمرَّهْ | |
قد تساوى عندهُمْ لليأسِ نفعٌ ومضرَّهْ | |
لا تَسَلْ ماذا عراهُمْ كلُّهم يجهل ُ أمرَهْ | |
حائرٌ كالطائرِ الخائفِ قد ضَيَّعَ وكرَهْ | |
فوقَهُ البازِيُّ ، والأشْرَاكُ في نجدٍ وحُفْرَهْ | |
فهو إنْ حَطَّ إلى الغبراءِ شَكَّ السهمُ صدرَهْ | |
وإذا ما طارَ لاقى قشعمَ الجوِّ وصقرَهْ | |
كلُّهم يبكي على الأمسِ ويخشى شَرَّ بُكْرَهْ | |
فهمُ مثل عجوزٍ فقدتْ في البحرِ إبرَهْ | |
* * * | |
أيّها الشاكي الليالي إنَّما الغبطةُ فِكْرَهْ | |
ربَّما اسْتوطَنَتِ الكوخَ وما في الكوخِ كِسْرَهْ | |
وخَلَتْ منها القصورُ العالياتُ المُشْمَخِرَّهْ | |
تلمسُ الغصنَ المُعَرَّى فإذا في الغصنِ نُضْرَهْ | |
وإذا رفَّتْ على القَفْرِ استوى ماءً وخُضْرَهْ | |
وإذا مَسَّتْ حصاةً صَقَلَتْها فهيَ دُرَّهْ | |
لَكَ ، ما دامتْ لكَ ، الأرضُ وما فوق المَجَرَّهْ | |
فإذا ضَيَّعْتَها فالكونُ لا يَعْدِلُ ذَرَّهْ | |
أيُّها الباكي رويداً لا يسدُّ الدمعُ ثغرَهْ | |
أيُّها العابسُ لن تُعطَى على التقطيبِ أُجْرَهْ | |
لا تكنْ مُرَّاً ، ولا تجعَلْ حياةَ الغيرِ مُرَّهْ | |
إِنَّ من يبكي لهُ حَوْلٌ على الضحكِ وقُدْرَهْ | |
فتَهَلَّلْ وتَرَنَّمْ ، فالفتى العابسُ صَخْرَهْ | |
سَكَنَ الدهرُ وحانتْ غفلةٌ منهُ وغِرَّهْ | |
إنَّهُ العيدُ … وإنَّ العيدَ مثل العُرْسِ مَرَّهْ |
إيليا أبو ماضي
0 التعليقات:
إرسال تعليق