فى الوقت الذى ينشغل فيه العالم فى الخارج بكيفية تطويع الموجات الدماغية للتحكم فى ألعاب الفيديو عن بعد عن طريق التفكير، وبالروبوت ناو الجديد الذى يستطيع التعبير عن مشاعره وانفعالاته عن طريق مجموعة من الحركات والإشارات الجسدية المحددة، استطاع فريق من كلية هندسة جامعة القاهرة قسم الهندسة الطبية تطويع التقنية الجديدة المعتمدة على قراءة الموجات الدماغية ومحاولة التحكم فى الأشياء عن بعد من خلالها، واستخدامها فى تحريك إنسان آلى خاص لخدمة العاجزين وكبار السن من خلال مشروع التخرج الخاص بهم.
المجموعة التى قامت بهذا المشروع هم أربعة طلاب من كلية الهندسة جامعة القاهرة، وحصلت المجموعة المنفذة للمشروع والتى تتكون من أحمد على نصار، ياسين عامر، محمد عبد الفتاح المصرى، وكريم محمد على تقدير امتياز تقديرا للجهد الذى بذلوه خلال المشروع، ولقدرتهم على تجربة النتائج النهائية للمشروع بشكل عملى، وبنسبة نجاح وصلت إلى نحو 95% فى كيفية استجابة الإنسان الآلى للأوامر الدماغية التى يفكر فيها الفرد المتحكم فى الإنسان الآلى، عن المشروع وفكرته والصعوبات التى واجهتهم وكيفية الاستفادة العملية من هذا الموضوع وتحويله إلى منتج نهائى يخدم البشر كان لنا معهم هذا الحوار.
● كيف بدأت فكرة المشروع؟
ـ بدأنا التفكير فى المشروع منذ عام تقريبا منذ بداية شهر أغسطس فى العام الماضى، كنا فى ذلك الوقت نبحث عن فكرة مبتكرة لمشروع التخرج الخاص بنا، لا تعتمد على نفس الأساليب التقليدية المعروفة التى يتبعها الأغلبية فى اختيار وتنفيذ مشروعات التخرج، وبعد وقت طويل قضيناه فى البحث عن فكرة مبتكرة ومناسبة استطعنا الوصول والاتفاق على فكرة التحكم فى الأشياء المحيطة عن طريق الأفكار التى تمر فى الأذهان البشرية وحدها، ودون الاعتماد على الأنظمة سابقة البرمجة أو القوة العضلية للتحريك.
وأثناء بحثنا على شبكة الإنترنت وجدنا فكرة شبيهة تم تنفيذها فى ألمانيا، عن طريق خوذة خاصة تحتوى على عدد من المجسات يتم وضعها فى أماكن محددة بدقة على الجمجمة، ثم تقوم الخوذة بنقل إشارات لاسلكية إلى جهاز كمبيوتر يستطيع أن يقوم بعرض الموجات الدماغية وتحليلها إلى شكل بيانى معروض على الشاشة، وعن طريق مجموعة من الاختبارات بعد ذلك يستطيع الباحثون تحديد المعنى الفعلى لكل شكل مرسوم على الشاشة من أشكال الموجات الدماغية المختلفة، فالشكل الفلانى يعنى أن الفرد يفكر فى كذا والشكل العلانى يعنى أنه يفكر فى كيت وهكذا، وكانوا فى التجربة الألمانية يستخدمون هذه التعريفات لمدلول الموجات الدماغية المرسومة للتحكم فى أشياء بسيطة، كتحريك ماوس الكمبيوتر ومجموعة أخرى من الأوامر البسيطة غير المعقدة، وقررنا فى ذلك الوقت أن نقوم باستغلال هذه التقنية الجديدة ولكن لتحقيق فائدة فعلية تعود على البشر، ونستطيع من خلال خدمة الإنسان بشكل حقيقى عن طريق تعليم الإنسان الآلى القيام بمجموعة متكاملة من المهام، وليست مهام أولية بسيطة فقط كما كانت فى التجربة.
● ما الهدف الرئيسى الذى قمتم من أجله بتنفيذ هذا المشروع؟
ـ الهدف الرئيسى لدينا كان مساعدة الأشخاص العاجزين عن الحركة فى تسهيل الحياة عليهم فى حالة عدم وجود أى مرافق بشرى بالقرب منهم، وهو الأمر الذى يجعل من أبسط المهام الإنسانية كشرب المياه على سبيل المثال عملية شاقة جدا ومعقدة بالنسبة لهؤلاء الأفراد، أيضا كنا نفكر فى كبار السن الذين أصبحوا لا يستطيعون خدمة أنفسهم، ولا يجدون دائما من يقوم على أمورهم من الأشخاص المحيطين، ووجدنا أن الحل الأمثل لهذه الحالات الخاصة أن يكون هناك إنسان آلى جاهز دائم للخدمة والمساعدة، ودون أن يتطلب الأمر من هذه الحالات الخاصة أكثر من التفكير فى الشىء الذى يريدون أن يحصلوا عليه أو يريدون الإنسان الآلى أن يفعله حتى يقوم الإنسان الآلى بفعله بشكل مباشر ودون الحاجة حتى إلى نطق هذا الأمر، وإنما عن طريق مجرد التفكير فيه، وكانت النية فى البداية أن نكمل هذا المشروع ونقوم بتأسيس شركتنا الخاصة التى تقدم هذه الخدمة الجديدة، وهو ما نسعى إليه حاليا.
● لماذا اختيار مجال الروبوتات للعمل عليه على الرغم من عدم وجودها بشكل ملموس فى الحياة؟
ــ لأن مجال الروبوتات يشهد تطورا ملحوظا وطفرة كبيرة حاليا فى العالم كله وفى مصر أيضا، وهناك العديد من المشاريع المحلية والعالمية التى تعتمد بشكل رئيسى على تقنية الروبوتات لمساعدة البشر من خلالها، سواء من خلال الأطراف الصناعية التى يتم تركيبها للبشر وتعتبر روبوتات مصغرة تنقل إشارات المخ إلى الطرف الصناعى، أو فى مجال الروبوتات الكاملة التى تقترب من الشكل البشرى وتؤدى وظائف عالية الدقة والتعقيد فى آن واحد، فعلى سبيل المثال يوجد حاليا روبوت جراح، يستطيع القيام بعملية جراحية كاملة عن طريق محاكاة جراح بشرى غير موجود فى مكان العملية، وقد لا يكون موجودا فى البلد نفسه الذى تجرى فيه العملية، ولكنه يقوم بها عن بعد بشكل تخيلى، ويترك للروبوت مهمة تنفيذ العملية ومحاكاة حركته.
● كم تكلف المشروع؟ وكيف كانت عملية تركيب الروبوت؟
ـ المشروع تكلف 16 ألف جنيه تقريبا، عشرة آلاف جنيه منهما كانت منحة مقدمة من هيئة إيتيدا التابعة لوزارة الاتصالات دعما للمشروع، والروبوت قمنا بتجميعه وتركيبه بالكامل بأنفسنا، ولكننا لم نصنع روبوتا كاملا بالشكل القريب من الشكل البشرى ضغطا للمصاريف، حيث كانت صناعة مثل هذا الروبوت سوف تتكلف أكثر بكثير من الرقم المذكور، وإنما قمنا بصناعة القاعدة البنائية المكونة لجسم الروبوت دون أن نقوم بتغطيته.
● ما أهم المشاكل والصعوبات التى واجهتكم أثناء المشروع؟
ـ أهم مشكلة واجهتنا هى عدم توافر أغلب المواد التى احتجنا إليها فى المشروع داخل مصر، واضطررنا إلى استيراد أغلب الأشياء التى قمنا باستخدامها فى المشروع من خارج مصر، وهو ما أضاف عبئا ماديا ثقيلا وهو تكلفة عملية الشحن، والتى قد تبلغ أضعاف أضعاف تكلفة السلعة المشحونة نفسها، كما اضطررنا إلى استيراد الخوذة التى يلبسها المستخدم للتحكم فى الروبوت عن طريق التفكير، وهى خوذة تحتوى على 21 مجسا يتم وضعها فى أماكن محددة على رأس الإنسان، وتقوم بالتقاط موجاته الدماغية وإرسالها لاسلكيا إلى جهاز كمبيوتر محمول قريب لتسجيلها وتحديد مدلول الإشارات ذات الأشكال المختلفة وحفظ هذه الدلالات، وهذه الخوذة تحديدا واجهتنا صعوبات كثيرة فى إدخالها لأنها كانت تحتاج إلى تصريح خاص من وزارة الصحة.
● أليست هى الخوذة التى يجرون التجارب عليها حاليا للتحكم فى ألعاب الفيديو عن طريق التفكير؟
ـ بالضبط، هى نفسها الخوذة التى يحاولون تطويعها الآن للتحكم فى ألعاب الفيديو عن طريق التفكير، وتعمل بنفس التقنية المشروحة أعلى، ولكن الفارق أنهم يجرون التجارب عليها بهدف الاستمتاع، ونحن أجرينا التجربة عليها لصالح خدمة البشر.
● ولكن أليس للشركة المنتجة للخوذة حقوق للملكية الفكرية تمنعكم من استغلالها مستقبلا فى شكل منتج خاص بكم؟
ـ المسافات المختلفة بين الأقطاب والمجسات التى يتم تركيبها على الرأس البشرى هى مسافات متاحة ومعروفة للجميع وليست ملكا لأحد حتى يحصل على براءة اختراع خاصة بها، والخوذة نفسها ليست سوى تطبيق لمعلومات معروفة ومتاحة للجميع، فلا يوجد خوف من ذلك.
● وفى حالة ما إذا خرج المشروع إلى النور كمنتج نهائى، كيف من المتوقع أن يعمل؟
ـ فى البداية سيقوم المستخدم بارتداء الخوذة، وبناء على دليل التعليمات والتشغيل سيقوم بالتفكير فى مجموعة من الأمور المختلفة أثناء ارتداء الخوذة، وسيقوم جهاز معالج صغير يكون بجانب المستخدم بتسجيل هذه الإشارات مع حفظ أشكالها المختلفة فى كل أمر كان المستخدم يفكر فيه، دون أن يصدر أى فعل عن الروبوت فى ذلك الوقت، ويقوم المستخدم بتسجيل أهم الأوامر الذى سيفكر فيها بشكل دائم ليقوم الروبوت بتنفيذها، ثم بعد ذلك يبدأ الروبوت فى مقارنة الإشارات الجديدة التى تصل إليه بأشكال الإشارات السابقة المسجلة عليه ودلالتها، وعن طريق ذلك سيقوم بتنفيذ أوامر وأفكار المستخدم دون أن يحتاج إلى النطق بحرف واحد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق