لا يوجد تعريف متفق عليه للماسونية حتى بين الماسونيين أنفسهم، فكل واحد منهم يتحدث عنها بطريقته الخاصة.
كما أنه ليس للحركة أدبيات كثيرة تحظى بشرعية علمية يمكن للباحثين الاعتماد عليها في الفهم والتأريخ للنشأة والتكوين.
غير أن المشهور عن الماسونية أنها منظمة سرية لها فروع في العديد من بلدان العالم. وهذا الاسم معناه البناؤون الأحرار، ويشترك أفرادها في أفكار خاصة بمنظومة القيم والأخلاق الراغبين في نشرها بين البشر. كما يتفقون على نظرة فلسفية خاصة بهم يفسرون من خلالها الكون والحياة، ويعلنون أن العلمانية هي وحدها النهج المثالي الذي من شأنه إذا حل في العالم أن يسود فيه السلام ويخلو من التعصب.
الهيكل التنظيمي لمنظمة الماسونية وفروعها المنتشرة حول العالم غير معروف ويعتبر في عرف أتباعهم سرا من الأسرار التي لا يجوز أن يطلع عليها غيرهم. ولمزيد من الكتمان تتخذ المنظمة رموزا وشعارات وإشارات لا يعرفها إلا أتباعها.
النشأة
يقال إن بداية تأسيس الماسونية تعود إلى عام 44 ميلادية على يد أحد ملوك الرومان ويدعى هيرودس أكريبا، بمساعدة مستشاريه اليهوديين حيران أبيود وموآب لامي. وفي بداية تأسيسها كانت تسمى القوة الخفية ثم بعد سنوات غيرت اسمها إلى "البناؤون الأحرار".
ويقول ماسونيون ظهروا في برنامج سري للغاية الذي أذاعته قناة الجزيرة عام 1999 إنهم فخورون بمشاركتهم منذ القرن العاشر الميلادي في تشكيل تنظيم "فرسان الهيكل".
وفرسان الهيكل تشكيل عسكري بني على أساس ديني شارك مع الصليبيين في محاربة المسلمين، والفرق بينهما أنَّ الصليبي كان يأتي لمدة عام أو نصف ثم يغادر، أما فرسان الهيكل فقد أتوا إلى فلسطين بنية البقاء حتى الموت. ويقولون إنهم مسؤولون فقط أمام "أستاذهم الأعظم"، وإن هدفهم الأول هدم المسجد الأقصى، حيث يعتقدون أنه بُني فوق ما يصفونه بهيكل سُليمان.
وبمرور الوقت أصبح فرسان الهيكل أكبر الملاك في الأراضي الفلسطينية المقدسة، وصارت لهم سفن وأسلحة، وأجهزة استخبارات، وطوَّروا أساليب سرية للاتصال والتعارف.
وفي عام 1292م أخرج المسلمون الصليبيين ففقد فرسان الهيكل أساس وجودهم.
ثم خافهم البابا كليمونت الخامس لأسباب غير واضحة فانقلب عليهم، وبدأ رسم الخطط لاستصالهم فدعا أستاذهم الأعظم جاك ديموليه إلى باريس وبالتعاون مع الملك فيليب الخامس تم في أكتوبر/تشرين الأول عام 1307م اعتقال فرسان الهيكل في فرنسا، حيث صُودرت أملاكهم، واقتلِعت جذورهم، ودخل من بقي منهم تحت الأرض.
فتعلم زملاؤهم في بريطانيا الدرس واختبؤوا، وتحولوا بعد ذلك إلى ما يسمى البنائين الأحرار الماسونيين، وقد بنى هؤلاء أول محفل ماسوني في العالم، وكان ذلك في إنجلترا عام 1717م.
الماسونية وجمعية الاتحاد والترقي
وفي الذاكرة القريبة للعالم العربي والإسلامي توجد علاقة واضحة -كما يقول أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية الدكتور حسان حلاق للجزيرة- بين الماسونيين ومؤسسي جمعية الاتحاد والترقي في تركيا التي لا تزال جذورها ومبادئها حتى اليوم متجذرة هناك.
ويؤكد الأكاديمي اللبناني أنه من خلال المراسلات التي كان يرسلها السفير البريطاني في إسطنبول إلى وزارة الخارجية البريطانية يتضح بشكل جلي الارتباط الكُلِّي الوثيق بين الماسونية والحركة الصهيونية وبين اليهود وبين "الدونما"، (هم من اليهود الذين دخلوا الإسلام علانية وبقوا على يهوديتهم سرًّا)، وبين جمعية الاتحاد والترقي.
ويستدل على ذلك أيضا بأسماء الذين شاركوا في ثورة عام 1908م ضد السلطان عبد الحميد الثاني وبحادثة الخلع، فيقول إن الذي حمل فتوى الخلع للسلطان عبد الحميد في قصر "يلدز" هو المحامي اليهودي الماسوني عمانوئيل قرصوه وهو الذي أسس محفلاً ماسونيًّا من أهم المحافل الماسونية في الدولة العثمانية.
ويختتم الدكتور حلاق حديثه بالقول إنه من دلائل الارتباط الوثيق بين الصهيونية والماسونية أن السلطان عبد الحميد عندما خلع عن العرش نُفي إلى سالونيك -وهي مدينة يونانية كانت تابعة للدولة العثمانية آنذاك- التي يتمركز فيها الماسونيون ومحافلهم، ويمنع على الدولة العثمانية أن تدخل إلى هذه المحافل الماسونية لأنها كانت تتمتع بالحماية الدولية، وقد حرص الماسونيون واليهود والدونما والصهاينة على أن يُحجز السلطان عبد الحميد الثاني في فيلا "الأتينيه" وهي فيلا لشخص يهودي ماسوني يدعى رمزي بيك.
في السنوات الأخيرة
ولا تزال قضية بناء الهكيل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى واحدة من أهداف الماسونية كما يقول أستاذ الفلسفة بجامعة بيروت الدكتور أسعد السحمراني للجزيرة، حيث يؤكد أنه في صيف عام 1968 أي بعد سنة ونيف من احتلال القدس أرسلت رسالة من ماسوني أميركي يدعى فيردي تيري، إلى الشيخ روح الخطيب أمين أوقاف القدس الإسلامية يطلب منه أن تُباع لهم أوقاف المسلمين وأرض المسجد الأقصى، ليقيموا عليها الهيكل.
ويخلص السحمراني إلى أن "هذا الكلام معناه أن هناك التقاء كاملا بين اليهودية والصهيونية والماسونية".
وأخيرا يقول الماسوني اللبناني حنا أبو راشد صاحب كتاب "دائرة معارف ماسونية" في جزئها الأول "أما أن الماسونية يهودية فذلك مما لا شك فيه".
المصدر : الجزيرة نت
0 التعليقات:
إرسال تعليق